قال الله تعالى : (
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا
إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ
الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) (الحجر:85)
هذه الآية من الآيات المكية التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم قبل أن يؤمر بالقتال ، وبعض السلف رحمهم الله تعالى حين
يتعرضون في التفسير لهذه الآية يقولون : ( فاصفح الصفح الجميل ) كان هذا قبل أن يفرض القتال . !
فكنت أتعجب من هذا الأمر ( فاصفح الصفح الجميل ) !
وتحدثني نفسي أن في الأمر لطائف أوسع من أن يكون أمرا بالصفح إلى أمد . . !
فلفت نظري معنى أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حين سئل عن الصفح الجميل فقال : .. صفح بلا عتاب ..!
فوجدت أنه قد أعطى هذا الأمر صفة مهمة في الصفح . . وفي غمرة القراءة
وقعت عيني وأنا أقرأ في تفسير هذه الاية على معنى لطيف بديع ذكره
العلامة المربي الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - في تفسيره .
. يقول : ( فاصفح الصفح الجميل )
هو الصفح الذي لا أذية فيه ، بل قابل إساءة المسيء بالإحسان ،
وذنبه بالغفران ، لتنال من ربك جزيل الأجر والثواب .....
يقول :
وقد ظهر لي معنى أحسن مما ذكرت هنا ، وهو : أن المأمور به هو الصفح
الجميل أي : الحسن الذي قد سلم من الحقد ، والأذية القولية
والفعلية . دون الصفح الذي ليس بجميل ، وهو : الصفح في غير محله . !
فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة ، كعقوبة المعتدين الظالمين ،
الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة ، وهذا هو المعنى . أ . هـ
ففرحت فرحا عظيماً يهذا المعنى اللطيف البديع الذي أعطى الآية مجالاً
أوسع للعمل والتطبيق من أن تكون أمراً ينقضي بأمد أو حال معين !
ومعنىً أعمق من أن يكون الصفح جانباً من اللين دون الشدّة !